السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
يااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااه
إنه ليوم حار جدآ
هذا هو حال الصيف دائمآ
ومع إرتفاع الحرارة والرطوبة
يسيل العرق على الجبين
بل على الجسم كله
ويتمنى كل منا الذهاب إلى شاطىء البحر
والعوم طيلة النهار فى مياهه الجميلة
إنها لمتعة كبيرة حقآ
فى ذلك اليوم الحار جدآ ذو الرطوبة العالية
كان الموعد وكانت الرحلة
إستيقظ أحمد من نومه مبكرآ
والحقيقة أنه لم يذق طعم النوم الليل بطوله
كان سعيدآ ينتظر بزوغ الفجر بفارغ الصبر
حتى يسافر إلى الإسكندرية مع إخوته الكبار
ويسبح فى مياه البحر
ويلعب مع موجاته الشقية
التى طالما داعبت خياله الصغير
إن سنواته السبع قضاها هنا فى حضن الريف القريب من الإسكندرية
وكم تمنى الذهاب إلى شاطىء البحر
وكم حلم هذا الحلم
وأخيرآ
جاءته الفرصة اليوم
وسمح له والداه بالذهاب مع إخوته كبارآ وصغارآ إلى هناك
حيث الفسحة واللعب والمرح والعوم
الله ما أجمل الصيف
وكان لأحمد أخان صغيران أصغر منه بقليل هما محمد ومحمود
وأخان كبيران فى سن الشباب هما سمير وسالم
وقام أحمد من سريره يوقظ أخاه الكبير سالم
هيا ياسالم
هيا إستيقظ
لقد بزغ نور الفجر يا أخى الحبيب
اخشى أن نتأخر عن الرحلة
وهنا يفتح سالم عينيه نصف فتحة وينظر لأخاه بتعجب بالغ
ويربت على كافه بحنان ويقول له وإبتسامة رقيقة تكسو وجهه
مازال الوقت مبكرآ يا أحمد
ميعادنا مع أصدقاءنا فى الساعة السابعة
والميكروباص الذى سوف يقلنا لم يصل بعد
ويتركه أحمد متجهآ إلى والدته التى تستيقظ مبكرآ جدآ كعادتها منذ زمن طويل ويقبلها فى جبينها وهى واقفة تكمل صلاتها وتسبيحها ودعواتها
وينتظرها حتى تفرغ من الدعاء
ويلقى عليها تحية الصباح
وتضمه الأم إلى صدرها الحنون
وتقبله فى وجهه
وتسأله عما يقلقه
فيقول لها
وبمنتهى براءة الأطفال
أخاف أن تفوتنى الرحلة يا أمى
ألا تقومين بإعداد السندويتشات الآن
تضحك الأم
وتقوم ناهضة
وترد على سؤاله
حاضر يا أحمد
هيا بنا إلى المطبخ
ألا تساعدنى؟
ويرد أحمد
بالطبع أساعدك يا أماه
وبعد حوالى ساعة يستيقظ باقى الإخوة
وتبدأ مرحلة الإستعداد
ويسمع الجميع كلاكس الميكروباص
ويصيح الأطفال بفرحة
هيييييييييييييييييييييييييييييييييييييييه
ويسلمون على والديهم
ويقفزون درجات السلم بسرعة
ويندفع الكل فى السيارة
وتنطلق العربة كالريح فى طريقها إلى الإسكندرية
ويتغنى الشباب والأطفال بأغنيات جميلة عذية كلها براءة ورقة
ويمر الوقت فى سعادة
وتصل السيارة إلى الشاطىء المطلوب
ويسرع الجميع نحو الشاطىء
وهنا يصيح الأخ الاكبر سمير فى إخوته الصغار
إجلسوا هنا بلا حراك
وحذارى أن تنزلوا فى البحر بدوننا
مفهووووووووووووووووم
ويقول الأطفال الثلاثة
سمعآ وطاعة يا أخانا
لم ننزل البحر بدونكم
وبعد فترة ليست بقصيرة
يأتى سمير وسالم وبعض أصدقاؤهم
وياخذون الأطفال الثلاثة معهم للإستحمام فى مياه البحر الجميلة
ويسمع الجميع ضخكاتهم ويرون سعادتهم
وكلما خرجوا من البحر أرادوا النزول مرة أخرى
مرات ومرات حتى إنقضى نصف النهار
وفكر سالم فى فكرة
وقام بشراء عوامة جميلة لهم
وركبوا الثلاثة فيها والمرح يملؤهم
وأخذت العوامة تتأرجح فوق مياه البحر نارة تمضى يمينآ وتارة تمضى شمالآ
ولايعلم أحد من الموجودين كم مر من الوقت عليهم
الكل مستمتع وسعيد
حتى حدث ماحدث
فجأة وعلى حين غرة
ولايعلم أحد ماذا جرى سوى الله سبحانه وتعالى
إنها إرادته القوية
التى لايستيطع أحد الوقوف أمامها
يا إلهى
ماذا جرى؟
لقد إختفى الأطفال الثلاثة بالعوامة
إختفوا تمامآ عن الأنظار
وشردت العيون هنا وهناك
تبحث عنهم فى كل إتجاه من الشاطىء
دون جدوى
لحظات قليلة عصيبة
إنه القدر
ياربااااااااااااااااااااااااااااااااه
وهنا علت صفارات الإنذار
وصاح صوت يقول
غريييييييييييييييييييييييييييييييييق
غرييييييييييييييييييييييييييق
غرييييييييييييييييييييييييييييييييييييييق
وتبدلت الضحات والبسمات بالدموع
وعلا صوت البكاء
وجاء فريق الإنقاذ
ومضت الدقائق الرهيبة كأنها ساعات طويلة
وإنخرط الجميع فى العويل والبكاء
وتم إنتشال جثث الأطفال الثلاثة
وسط ذهول الجميع
وذهبوا بها إلى المستشفى
وسافر فريق من الأصدقاء إلى البلدة لإخبار ذويهم بما حدث
وظل الباقون واقفون أمام المستشفى فى إنتظار التصريح بأخذ الجثث
لكى يسافروا بها ويقوموا بدفنها فى بلدتهم القريبة
من الإسكندرية
يالها من لحظة وداع
أصعب فراق وأصعب وداع
وإنا لله وإنا إليه راجعون